هل سبق لك أن بدأت مشروعاً على الإنترنت بحماس شديد، ثم وجدته يتلاشى بعد بضعة أسابيع أو أشهر؟ أنت لست وحدك. الحقيقة الصادمة هي أن الغالبية العظمى من المشاريع الرقمية تموت في صمت. يتحدث الجميع عن قصص النجاح المبهرة، لكن لا أحد يجرؤ على فتح أبواب "مقبرة المشاريع الإلكترونية" لنرى الأسباب الحقيقية للفشل.
في هذا المقال، لن نتحدث عن استراتيجيات التسويق المعقدة أو أسرار SEO، بل سنتحدث عن العدو الحقيقي الذي يواجه كل مبتدئ: العقلية والفخاخ النفسية. فهم هذه الأسباب هو الخطوة الأولى لتجنب مصير الـ 95% وضمان استمرارية مشروعك.
.webp "لماذا تفشل معظم المشاريع الإلكترونية؟")
الفخ الأول: متلازمة "الأداة اللامعة" (Shiny Object Syndrome)
هذا هو القاتل الأول للمشاريع الناشئة. تبدأ في تعلم مهارة معينة (مثل كتابة المحتوى)، ثم تسمع عن شخص حقق آلاف الدولارات من الدروبشيبينغ. فتترك ما بدأته وتذهب لتتعلم الدروبشيبينغ. وقبل أن تتقنه، يظهر فيديو عن الربح من الذكاء الاصطناعي، فتقفز مرة أخرى.
ماذا تفعل لتجنب هذا الفخ؟
- الالتزام لمدة 90 يوماً: اختر مجالاً واحداً فقط (مثلاً: التسويق بالعمولة لمنتجات رقمية). أعطِ نفسك عهداً بالتركيز عليه بشكل كامل لمدة 90 يوماً على الأقل، بغض النظر عن أي إغراءات أخرى.
- ضع غايات واضحة: بدلاً من قول "أريد الربح من الإنترنت"، قل "أريد كتابة 15 مقالاً متوافقاً مع SEO في مدونتي خلال 90 يوماً". الأهداف الواضحة تبقيك على المسار.
الفخ الثاني: الخوف من التسويق (أو "متلازمة سأبنيه وسيأتون")
الكثير من المبدعين والموهوبين يقضون 100% من وقتهم في بناء المنتج أو الخدمة، و 0% من وقتهم في التسويق لها. يعتقدون أن الجودة وحدها كافية لجذب العملاء. هذه فكرة رومانسية، لكنها خاطئة تماماً في عالم الإنترنت المزدحم.
كيف تتغلب على هذا الخوف؟
- قاعدة 50/50: خصص 50% من وقتك لبناء المنتج أو إنشاء المحتوى، وخصص الـ 50% الأخرى للتسويق له والتحدث عنه.
- ابدأ بمنصة واحدة: لا تحاول التسويق على فيسبوك، انستغرام، تيك توك، ولينكدإن في نفس الوقت. اختر منصة واحدة فقط يرتاح لها جمهورك المستهدف وركز كل جهودك عليها.
- شارك رحلتك: التسويق ليس فقط "شراء إعلانات". يمكنك ببساطة مشاركة ما تتعلمه، التحديات التي تواجهها، والنجاحات الصغيرة. هذا يبني الثقة ويجذب المتابعين.
الفخ الثالث: السعي للكمال (Perfectionism)
"سأطلق دورتي التدريبية عندما أصورها بأفضل كاميرا." "سأطلق مدونتي عندما يكون تصميمها مثالياً." "سأقدم خدمتي عندما أصبح خبيراً بنسبة 100%."
هذا السعي للكمال هو في الحقيقة قناع للخوف من النقد والفشل. النتيجة؟ المشروع لا يرى النور أبداً.
كيف تطلق مشروعك "غير المثالي"؟
- اعتنق مبدأ "جيد بما فيه الكفاية": النسخة الأولى من أي شيء تكون دائماً غير مثالية. أول فيديو لك سيكون سيئاً، أول مقال لك سيكون ضعيفاً. هذا طبيعي. المهم هو أن تبدأ.
- اطلق المنتج بأقل نسخة ممكنة (MVP): بدلاً من بناء دورة كاملة من 50 فيديو، ابدأ بورشة عمل مباشرة (Live workshop) أو كتاب إلكتروني صغير. ابدأ صغيراً، احصل على آراء العملاء، ثم تطور.
الخلاصة: غير عقليتك، يتغير مصيرك
الربح من الإنترنت ليس سباق سرعة، بل هو ماراثون. النجاح لا يتعلق بإيجاد "السر" أو "الأداة السحرية"، بل يتعلق بالاستمرارية، التركيز، والشجاعة لإطلاق عملك حتى لو لم يكن مثالياً. تجنب هذه الفخاخ النفسية، وستكون قد قطعت شوطاً أبعد من 95% ممن حاولوا قبلك.
